الكلى وأمراضها
للكلى دور اساسي في جسم الإنسان، فهي تقوم بالعديد من الوظائف الحيوية والمعقدة التي تحافظ على توازن بقية الجسم؛ تقوم الكليتان بتنقية الدم وإزالة السموم من الجسم عن طريق إرسالها إلى المثانة حيث يتخلص منها الجسم بواسطة البول. أي خلل في وظيفة الكلى سوف يتراكم مع مرور الوقت والسنوات الى أن يصل الأمر في نهاية المطاف إلى الإصابة بالفشل الكلوي.
ولكن، ما هي وظيفة الكلى؟ وما هي الأمراض التي تؤثر في عملها؟
تعمل الكلى على التخلص من الفضلات والسوائل الزائدة، وتنقي الدم، وتحافظ على بعض المركبات بينما تزيل أخرى وتتحكم بإنتاج خلايا الدم الحمراء. من وظيفة الكلى أيضا صنع الفيتامينات التي تتحكم بالنمو وإطلاق الهرمونات التي تساعد في تنظيم ضغط الدم وإنتاج كمية المواد المغذية الأساسية في الدم مثل الكالسيوم والبوتاسيوم. تقوم الكلى بعملها المسؤول عن استمرار الحياة عبر تنقية نحو 200 ليتر من السوائل كل 24 ساعة، وتتخلص من حوالى لترين على شكل بول؛ أما الكمية المتبقية فيحتفظ بها الجسم، وبالنسبة للبول المطروح فيخزن في المثانة حوالي 1 – 8 ساعات.
اما طريقة عملها، يدخل الدم إلى الكلى عبر الشريان قادما من القلب، ويتم تنظيف الدم عبر مروره بملايين المصفيات الدقيقة، أما الفضلات فتمر عبر الحالب وتُخزن في المثانة على شكل البول. يعود الدم المنقى إلى مجرى الدم عن طريق الأوردة وعندما تمتلئ المثانة يخرج البول من الجسم. هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على عمل الكليتين، منها التعرض للسموم البيئية أو تناول بعض الأدوية لاسيما الاكثار من المسكنات، أو بعض الأمراض الحادة والمزمنة، الجفاف الشديد.
ثم ان بعض الامراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم تؤثر على عمل الكليتين وتجعلهما في خطر التعرض لمشكلة صحية ما؛ بعض الأمراض الوراثية مثل مرض الكلى المتعدد التكيسات، أو أمراض المناعة الذاتية مثل مرض الذئبة، كلها أمور تؤثر في عمل الكلى ووظيفتها وإهمالها قد ينتج عنه الكثير من الأمراض.
التهاب الكلى
يحدث التهاب الكلى عندما تتكاثر البكتيريا التي تدخل مجرى البول وتنتقل إلى الكليتين. ويُعد هذا السبب الأكثر شيوعا لحالات عدوى الكلى. أحيانا قد يكون الالتهاب الكلوي مزمنا أي تكرار حدوث التهاب الكلى الحاد من دون علاج فيتسبّب بضمور الكلى ومع الوقت الفشل الكلوي.
هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الكلى، فالنساء مثلا اكثر عرضة من الرجال بسبب قصر مجرى البول لديهن ما يجعل وصول البكتيريا الى المثانة امرا سهلا؛ ما إن تصل العدوى إلى المثانة يمكنها إذن أن تنتشر إلى الكليتين.
إنسداد الجهاز البولي من الحالات المرضية التي تؤدي الى التهاب الكلى ويشمل ذلك أي مشكلة قد تؤدي الى عدم تدفق البول وتفريغ المثانة عند التبول مثل وجود حصوات الكلى، أو تضخم غدة البروستاتا في الرجال أو حدوث شيء غير طبيعي ببنية الجهاز البولي.
من أسباب الإصابة أيضا ضعف الجهاز المناعي في حال وجود مرض ما كالسكري او فيروس نقص المناعة البشرية. كما يمكن أن يؤدي تلف العصب أو الحبل الشوكي إلى منع الإحساس بالإصابة بعدوى بالمثانة ما يسهم بالتالي في عدم إدراك المريض لتطور الإصابة بالتهاب الكلى.
استخدام القسطرة البولية لفترة من الزمن يؤدي مع الوقت إلى التهاب في الكلى، فالقسطرات البولية هي عبارة عن أنابيب يلجأ إليها الأطباء في بعض الحالات لتصريف البول من المثانة وذلك مثلا بعد الخضوع لعملية جراحية ما أو أثناء إجراء اختبارات تشخيصية ما.
يوجد الكثير من الأعراض التي تدل على وجود التهاب في الكلى:
الشعور بألم في أحد الجانبين أو في كليهما.
قلة عدد مرات التبول أو عسر التبول، مع تغير لون البول إلى اللون الغامق، وأحياناً يظهر فيه دم وتنبعث رائحة كريهة منه.
ارتفاع ضغط الدم بسبب تراكم كمية من السوائل في الجسم.
صداع مستمر.
خمول وتعب عام.
اضطرابات في الرؤية.
الشعور بالغثيان وفقدان الشهية إضافة إلى القيء مع تطور الحالة.
الشعور بألم في المفاصل والبطن.
الإصابة بالحمى والقشعريرة.
أما سبل العلاج، فبعد التأكد من نوع الالتهاب يصف الطبيب المضادات الحيوية اللازمة لمحاربة البكتيريا المسببة للمرض؛ وهناك بعض الإرشادات الواجب اتباعها للتخفيف من خطر الالتهاب وأهمها توصية المريض بضرورة شرب كميات كافية من الماء وتجنب حصر البول وتفريغه فور الشعور بذلك.
املاح في الكلى
تراكم كميات كبيرة من الأملاح على جدار الكلى بحيث لا يستطيع الجسم التخلّص منها، ويعاني المصاب بها بألم شديد. فالكلى تعمل بشكل طبيعي على إزالة السوائل الزائدة والفضلات من الجسم، وعند الإكثار من الوجبات الغنية بالأملاح والمعادن وتناولها بكميات كبيرة تتراكم هذه الأملاح لتشكل كتلة صغيرة داخل الكلى؛ المشكلة تكمن عندما تكون هذه الكتلة كبيرة نسبيا بحيث لا تمر بسهولة إلى الحالب ومن ثم إلى المثانة، وهذه الكتلة من الأملاح تسمى بحصوات الكلى وقد تسبب انسداد المسالك البولية.
تحدث هذه الحالة لأسباب عدة منها ارتفاع نسبة حمض اليوريك في البول بسبب خللٍ ما في النظام الغذائي اليومي والذي يعتمد على الأطعمة الغنية بأملاح اليوريك ما يسبب ارتفاعا في هذا الحمض في الكلى ومع مرور الوقت يسهم في تكون الحصوات وترسبات في المرارة والكلى، وقد تتسبب أحياناً في حدوث مشكلة النقرس. كما أن قلة شرب الماء يمكن أن يؤدي إلى تراكم الأملاح في الكلى لأن جفاف الجسم يؤدي إلى تركيز حمض اليوريك فتزيد نسبة الأملاح في الجسم بشكلٍ كبير.
تناول بعض الأنواع من الأدوية وتغيرات في الهرمونات لدى النساء وقلة الحركة والجلوس لفترات طويلة كلها أسباب تزيد من نسبة الأملاح في الجسم. أعراض الأملاح في الكلى تبدأ بالشعور بالألم في أسفل الظهر مع حرقة في البول والشعور بآلام متقطعة في منطقة أسفل البطن بالقرب من المثانة.
يمكن اتباع بعض الخطوات اليومية مثل شرب كميات وافرة من المياه بمعدل لترين يوميا وممارسة التمارين الرياضية، وتجنب تناول الأطعمة الغنية بحمض اليوريك كالبروتينات الحيوانية والنباتية أو التي تحتوي على الدهون العالية، إضافة الى استبدال اللحوم والأسماك الحمراء كالسردين والسلمون والكبد والكلاوي باللحوم البيضاء كالدجاج. يجب كذلك تناول الفواكه بدلا من العصائر الصناعية والتركيز على الخضراوات الورقية التي تساعد في طرد الأملاح والترسبات من الجسم.
حصى الكلى
حصوات الكلى هي عبارة عن ترسبات صلبة تتكون من المعادن والأملاح التي تتجمع داخل الكلى وتصيب كذلك أي جزء في الجهاز البولي، حيث انها تتكون عندما يزداد تركيز البول حيث يساعد الأملاح على الالتصاق ببعضها البعض. ترسّب الأملاح في الكلى يؤدي مع الوقت الى تجمعها على شكل كرة يتفاوت حجمها بين رأس الدبوس إلى كرة الغولف، ويعاني المريض هنا من مغص كلوي. تعتبر السمنة من العوامل التي تساهم في تجمع حصى الكلى، حيث أنّ ارتفاع مؤشر كتلة الجسم وزيادة محيط الخصر عن الطبيعي تزيد احتمالية الإصابة بالحصوات.
كما ان بعض أمراض الجهاز الهضمي مثل التهاب الأمعاء والإسهال المزمن وغيرها من التغيّرات في عملية الهضم تؤثر في عملية امتصاص الكالسيوم والماء. هناك بعض الأسباب الإضافية التي تسهم في تكوين حصى الكلى مثل التهابات المسالك البولية بشكل متكرر، وجود عيوب خلقية في المسالك البولية، داء السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة، ارتفاع شديد أو انخفاض شديد في حموضة البول قد يكون بسبب عيوب في وظائف الأنابيب الصغيرة داخل الكلى، داء النقرس وارتفاع نسبة الحمض البولي Uric Acid في البول من العوامل التي تزيد من احتمال تكوّن حصى في الكلى عدم شرب كميات وافرة من المياه والإفراط في تناول ملح الطعام أي أكثر من 5 جرام يوميا ملح أو أكثر من 2 جرام يوميا صوديوم قد يزيد من كمية الكالسيوم في البول، ما قد يسهل من عملية ترسبها، والإفراط في تناول البروتين الحيواني أي أكثر من 150 جرام يوميا من اللحم أو الدجاج أو السمك. أعراض حصى الكلى تبدأ بالشعور بألم شديد في الخاصرة والظهر وتحت الأضلاع ويمكن ان يمتد الى أسفل البطن ويكون على شكل نوبات تشتد مرة وتخف مرة أخرى، ألم أثناء التبول مع تغير لون البول مع رائحة كريهة والحاجة الملحة للتبول او التبول أكثر من المعتاد. قد يعاني المريض كذلك من الغثيان والقيء. إذا كان حجم الحصى صغيرا فيكفي شرب الكثير من الماء للتخلص منها مع تناول بعض مسكنات الألم. بعض الحالات ايضا تستدعي العلاج الطبي للتخلص من الحصى صغيرة الحجم وهي أدوية تُعرف بحاصرات مستقبلات ألفا، بإرخاء العضلات في الحالب وتساعدك بذلك في التخلص من حصى الكلى بشكل أسرع وبألم أقل.
بعض الحالات الأخرى، يقوم الطبيب بتمرير منظار في الحالب مزوّد بكاميرا عبر الإحليل والمثانة إلى الحالب. وبمجرد تحديد مكان الحصوة، يمكن استخدام أدوات خاصة للإمساك بالحصوة أو تفتيتها إلى أجزاء تخرج في البول. وبعد ذلك، يضع الطبيب أنبوبا صغيرا في الحالب لتخفيف التورم وتعزيز عملية الشفاء. كبر حجم الحصى وتعددها قد يتطلب إجراء عملية جراحية لاستخراجها باستخدام مناظير صغيرة وأدوات يتم إدخالها عبر شق صغير في الظهر. تتم هذه العملية تحت تأثير التخدير العام ويستلزم الأمر المكوث في المستشفى يوم أو يومين.
بعض الحصوات كبيرة الحجم لا يمكن علاجها بتلك الطرق البسيطة، بل يحتاج الأمر الى آليات علاج أخرى قد تكون عبر استخدام موجات صوتية لتفتيتها وذلك بحسب حجم الحصوات وموقعها. في بعض الأحيان يلجأ الطبيب المعالج الى استخدام تقنية تفتيت الحصى بالموجات الصادمة من خارج الجسم عبر استخدام الموجات الصوتية لإحداث ذبذبات قوية تؤدي إلى تفتيت الحصوات التي تخرج مع البول إلى أجزاء صغيرة جدا. هذا الإجراء الطبي قد يتسبب بنزول دم في البول وظهور كدمات على الظهر أو البطن ونزيف حول الكلى والأعضاء المجاورة الأخرى والشعور بعدم الراحة أثناء مرور أجزاء الحصوة عبر المسلك البولي.
الفشل الكلوي
الفشل الكلوي يحدث عند تدهور قدرة الكلية على ترشيح الشوائب من الدم فتصبح الكليتان غير قادرتين على أداء وظيفتهما الطبيعية في تصفية النواتج الثانوية للجسم من الدم، ونتيجة لذلك تتراكم الفضلات ويتجمع السائل في الجسم.
هناك نوعان من الفشل الكلوي هما الحاد والمزمن؛ يحدث الفشل الكلوي الحاد أو بالقصور الكلوي الحاد عندما تعجز الكلى عن تنقية الدم من الفضلات فتتراكم مستويات خطيرة من الفضلات. من الممكن أن يتطور الفشل الكلوي الحاد بشكل سريع في بضع ساعات أو بضعة أيّام. ويكون أكثر شيوعًا لنزلاء المُستشفيات، خاصة في حالات المرضى ذوي الحالات الحرجة والذين يحتاجون إلى الرعاية المُركّزة.
من أسباب الفشل الكلوي الحاد تعرّض الكلية لضربة ما أو التهاب أو سموم كيميائيّة، أو تناول كميّات كبيرة من الأدوية وبشكل خاص المضادات الحيويّة، أو انخفاض حجم الدم عن طريق الحروق أو الجفاف أو النّزف الشّديد، أو حدوث انسداد في القناة البوليّة.
أما الأعراض فتظهر على نحو انتفاخ الجسم نتيجة عدم التخلّص من السّوائل الزّائدة، خاصّةً في الاطراف، إسهال مصحوب مع دم، تعب عام، قلّة التبول، غثيان واستفراغ وفقدان للشهيّة، ألم في منطقة الكلية، ارتفاع ضغط الدم، ألم في الصدر أو الإحساس بشيء ضاغط على الصدر. مع التدخل الطبي السريع، فإن الفشل الكلوي الحاد قابل للعلاج وإذا كان المريض لا يعاني من مشاكل صحية أخرى فقد تستعيد وظيفة الكلية بصورة طبيعيّة. أما الفشل الكلوي المزمن، فهو حالة خطيرة وطويلة الأمد تصيب الكليتين حيث تتسبب بفقدان تدريجي لوظائف الكلى، وفي النهاية تسبب الفشل الكلوي في المرحلة النهائية. في هذه الحالة، تهبط وظائف الكلى إلى أقل من 25% من المستوى الطبيعي. هذا الاضطراب يحدث على مدى سنوات من دون أن يشعر المريض، فتتراكم السموم والسوائل في الجسم، ما يؤدي إلى أعراض قليلة في البداية وأحيانا لا تظهر الأعراض إلا بعد فقدان الكلى معظم وظائفها.
من أسباب الفشل الكلوي المزمن مرض السكر وارتفاع ضغط الدم خاصة إذا لم يتم إحكام السيطرة عليهما بالعلاج. ومن الحالات المرضية التي تسبب الفشل الكلوي المزمن هي الالتهاب الكلوي الكبيبي، مرض الكلى متعدد التكيسات، الدفق العكسي (الارتجاعي) المثاني الحالبي، الالتهاب الحويضي الكلوي المتكرر، بعض الادوية التي تؤخذ بإسراف على مدى سنوات عديدة يمكن أن تدمر الكلى، وكذلك التعرض للزئبق والرصاص، وكذلك الانسداد الطويل الأمد للسبيل البولي بسبب تضخم البروستات يمكن أن يؤدي ايضآ إلى حدث فشل كلوي مزمن.
مشكلة الفشل الكلوي المزمن أن أعراضه لا تكون ظاهرة في البداية وهي شبيهة بالكثير من الأمراض التي يمكن أن يصاب بها المرء. ومن الأعراض التي قد يعاني منها المريض فقدان الشهيّة، جفاف في الجلد وحكّة، غثيان وشعور بالتّعب، فقدان للوزن، حكّة في الجلد، ألم في العظام، دوخة وعدم القدرة على التّركيز، ضيق في التنفّس، انتفاخ الأطراف، رائحة للنَّفَس، قيء، فقر الدم، تشنّج في العضلات، نزول دم مع البول ويكون لونه غامقاً مع كثرة التبول خاصة في الليل، ارتفاع ضغط الدم، وألم في الخاصرة.
توصيات للحفاظ على صحة الكلى
اتباع بعض العادات الصحية خلال الحياة اليومية يسهم الى حد كبير في الوقاية من الأمراض التي يمكن ان تصيب الكلى. وقد أجمع الاطباء في مجال امراض الكلى على بعض النصائح والتوصيات التي تساعد في إبعاد شبح الأمراض والحفاظ على صحة الكلى. من التوصيات التي تسهم في الحفاظ على صحة الكلى:
الإكثار من شرب المياه خلال اليوم.
عدم الإفراط في تناول المسكنات ومضادات الإلتهاب والحرص على عدم تناول الادوية الا بعد الحصول على استشارة الطبيب.
الامتناع عن شرب مشروبات الطاقة والمياه الغازية.
التوقف عن تناول رقائق البطاطس المقلية المنكهة بأنواعها واستبدالها بالبطاطس الطازجة المقلية في المنزل.
تجنب اللحوم المدخنة والمصنعة بكل أنواعها.
عدم الإكثار من ملح الطعام لما له من مخاطر عديدة على الكلى.
تجنب الإفراط في تناول المخللات لأنها تزيد نسبة الأملاح.
الاهتمام بالتمارين الرياضية وتجنب الخمول والجلوس لفترات طويلة.
الإكثار من تناول الخضراوات والحد من تناول البروتينات.
الحصول على قسط كاف من النوم والراحة الجسدية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق